الخميس، 13 مايو 2010

{{ حكايا من النسيـــان..



مَضتْ سنين تُحيِّرُني التساؤلات..
تتلفتُ فيَّ.. ذات اليمين.. والشمال ذات..
إنَّ حبيبًا لقلبي قد مــات..

وفي عمق البئر..
كان ضغط الماء عالٍ..
يطبقُ على أُذُنيَّ.. ويُدمي بداخلي الصرخات..

صرخاتٌ كانت بالأمس وامعتصماااه..
وصارت اليومَ واإسلامااه..

بالأمس.. كانت رجلاً.. بالأمس كانت استجابة..
واليوم استنجادُ أُمةٍ صمَّاء.. فقدت عزًا ومهابة..

..~

أذكُرُ أنّي كنتُ أقطف الوردَ..
أُداعبُ الأرضَ..
أُراقصُ الشمسَ..

وأعدو حُرةً في مساحات واسعة..
أسابقُ الأرنب.. أُطاردُ الفراشة..

وأذكر أرضنا الحمراء.. وقد ارتدت ثوبها الذهبي..
تُخايلُ الحسناء..
تتماهى بغرور.. تتباسمُ بحياء..

أُمّاه..
كان القمح يكفي كُلَّ من في القرية..
والزيتون.. والرمّان..

وموسمُ الحصاد.. يتآزر الجميع..
حُفاة.. نصادقُ الأرض..
نُصاحبُ الأرض..

أُمّاه..
كانت هناك زهرة، وفرحة، ووردة..
قُتلت زهرة..
تناثرت أشلاءُ فرحة..
واغتُصبت وردة..

أُمّاه..
لماذا أفقدُ الصديق على إثر الصديق؟
لماذا أصحو على صوت الانفجارات بدلاً من صوتك؟
لماذا أتوسدُ الأرضية بلا غطاء..
أُصادق الجوع كُلّ يوم..
أوراق الخريف.. وبردُ الشتاء..

لماذا دُمّرت مدرستي؟
واحترقت ألعابي؟
وانمحست من الوجود غُرفتي؟

أُمّاه..
كان لديّ في فناء المنزل.. أرنبٌ أبيض..
عصافير تملأ الأشجار..
وهرّةٌ تلعب..
أُمّاه..
لم يعُد لديّ بيتٌ.. ولا هرٌ.. ولا أرنب!

وقصتي أُمّاه..
صارت حكايةً تُروى..
لتاريخٍ هزيل..
لعالمٍ ذليل..
ما قبل النوم.. ما بعد النوم.. وأثناء النوم..

قصّة تمرُّ.. عنوانها صغير.. على هامش الغلاف..
وأما الغلاف..
فصورةٌ كبيرة.. لمغنٍ حقير..
وتعليقٌ سخيف.. محدود التفكير..

سمسارٌ عظيم..
تاجرُ سلعة..
وعطرٌ نفيس..

وبداخل الغلاف..
تُقلّبُ الصفحات..
وبينها.. تضيعُ قصّتي..
يملّها القُراء..
يتجاهلها النُقاد..
وترتمي بيد بائع متجول.. يشوي الذرة.. ويُلقيني في الطرقات..

أنا الحق المسلوب..
أنا المجدُ الضائع..

أنا بغداد..
أنا الأقصى.. أنا بيسان..
أنا كابول أفغانستان..

غبارٌ من رُكام النسيان..
وكان.. وكان...