الخميس، 29 سبتمبر 2011

ولا أنســى..!

 
رماديةٌ لطّخت الأفق..
من خلف تلك المسطحة الزجاجية..
وأعمدةٌ صلبة متوازية.. تمنحك شعورًا غامرًا أنّك أضحيت تسكن سجنًا أبديًا..
وخلف الأفقِ باتت الرؤية متعسرة..
فامتزجت خضرةُ الأغصانِ بسوادٍ كئيب المنظر..
واستحالت رؤية ما وراءه..

صباحٌ ضيّقَ تلك الشُعبِ من هواءٍ عليل..
ومارةٌ يُسرعون الخُطى لتحاشي ما يحويه من دقائق تُضعفهم وهم أولو القوة..

وأنا.. أُحادثني ببرود..
أبحثُ عن صيغةٍ للحوار أشرعُ فيه.. وأُجدفُ به قاربي المهترئ..
أتدري..
لم أنسَ ما قلته لي ذلك اليوم وأنتَ تُلبسني عقدكَ الذهبي وتبثُّ في أُذني أنفاسك..
بأننا.. سنولدُ من رحم البلاء أكثرَ قوة..
وبأننا.. سنرضعُ الأملَ من أحضان الخوف..
وبأن الوقت سيحين بلا شك.. حينَ نُقرر فيه أن نمضي.. نمضي.. ونتخلى عن أنانية خسارة ما نعلمُ أنّه لن يكون لنا..

ولكنني مُذ أخبرتني بسرك الكبير.. وأنا أزداد مع الأيامِ وهنًا..
والخوفُ باتَ يُعشعشُ في الأعماق من الآتِ مرتعدًا..
أيا آتٍ لا تأتِ..
وأنني.. على ذلك العهدِ ما زلتُ لا أفلتهُ.. أتعلق بأطرافه.. لا أتركه..
خيالٌ سحيقٌ.. لأزهاريَ المتطايرة من سلّتي القشيّة..
وأنني.. لا زلتُ أرقبُ ذلك الوقت الذي أخبرتني عنه.. أصلي وأدعو .. 

أيا آتٍ لا تأتِ..

قد قلتَ بثقةٍ لي أننا ننسى.. وننسى.. وننسى..
فلماذا أجبني.. لماذا أحفظُ في ذهني كل ما قلت..
وأذكرُ في خبايا نفسي كلّ ذكرى..
وأطبعُ على قلبي كلّ أثر..

علَّمتني طفلةً لا تُجيدُ الكلام..
وإنّي حينَ نطقتُ..
كذّبتُ قولكَ..
وسرتُ..

أحتفظ بعقدك المتدلي على عنقي..
أحفُّ أطرافه الحادة بقوةٍ حيث يستقرُ حتى يتمزق جسدي..
ولا أنسى..

كذبتَ حينَ قلتَ أن القلب الذي أحبَّهم يومًا ما ينسى..
كذبتَ حينَ قلتَ بعد أن يرحلوا.. بعد أن ترحل أنتَ سأنسى..
كذبتَ حين قلتَ أن الوقت كفيلٌ بكل بشيءِ وأنني يومًا ما أنسى..

هناك في الخارج.. ما زال الضباب يملأُ الكون..
يشوهه..
أُغلقُ نافذتي بهدوءٍ..
أمسحُ آثار الدماءِ عن عنقي.. 

ابتلعُ الغصةَ بسكونٍ..
ولا أنسى..

الخميس، 14 يوليو 2011

مفترق الطريق..!

حيث هناك.. وقت الغروب
على مفترق الطرق، كان قدرًا حاتمًا أن أمضي من طريقٍ لن تمشيَ فيه..
رغم محاولاتي العاثرة في التلكؤ في المسير.. كانت هناك دفعةٌ عجيبةُ القوة تأتي غدرًا من الوراء..
تدفعني للركض بضع خطوات بعكس اتجاه أقدامي..
ويدٌ أخرى توقفني عنوة رغم رغبتي بالالتصاق بالأرضية الباردة هناك..

لم أكن ببساطة أرغب بخطوةٍ ضئيلة للأمام..

لكنها الحياة.. عجيبةٌ بمقاديرها..
تدفعك للأمام حينَ لا ترغبُ بالمسير..
وتسقطكَ في العمق السحيق حين تكون شعلةً تصّعّدُ للسماء..

وهناك.. حيثُ كان اللقاء الأخير..
أبقيتُ أصابعي الباردة متشبثة بأيديك على أمل ألّا أمضي..
وألّا تمضي..
على أملِ أن تتغيّر دفةُ أحدنا للوجهة الأخرى..
لكنها كانت قوةً غريبة.. تلك التي انتزعت أصابعي منك.. حتى شعرتُ بأنها تتحطم..
وحلّت مكان يداك الدافئتين.. أغلال صلبة.. جذبتني بعيدًا عنك..
فشعرتُ بأوصالي تتمزق وأنا أُسحب خائرةَ القوى.. لا أستطيع مجاراة ما يجتذبني..

على عتبات مفترق الطريق..
هناك..
بكيتُ..
.... صرختُ..
....... دون أن يسمعني أحد..
............ دون أن يلتفتَ إليّ أحد..
................... ودون أن أُســمِعَ أحد..
وحدها عيناك المحمرّتان كانتا آخر ما أراه..
وحيثُ يدفعني المسير.. حال بيننا ضبابٌ كثيف..
فلم أعّد أرى منكَ أثر.. أو أسمعَ لك خبر..

ووسط دموعي الحارقة..
والعتمة التي أحاطتني..
لم أُبصر سوى لمعانٍ بين أصابعي حيث أنار خاتمك المكان..

على مفترق الطريق..
في ذلك اليوم..
ومنذ أعوام..
لا زلتُ أذكرُ اللقاء..

على مفترق الطريق..
لم أحظى إلا ببقايا ذكريات أقتاتُ عليها لأكمل المسير..
وخاتمٌ التحم بإصبعي حتى صار جزءًا منه يميزهُ حجمٌ أصغر من إخوته..

على مفترق الطريق..
بدأنا..
وانتهينا..
وأكملنا المسير..

..~

الثلاثاء، 15 فبراير 2011

فَــــقْـــدُ }}



فَـقَـدَ:  أي خسرَ شيئًا كان له أو عنده ذات يوم!
ببساطة العربية، وبتعقيدها
وباصطفاف الحروف غير آبهةٍ بما نشعرهُ

هو الفقدُ
استجداءُ بعيدٍ لن يأتي
رحيلٌ لما وراء البحار
أو أمامها
الأمر سيّان
فبعد الآن، لن تبصرَ ما فقدته العينان

هو الفقدُ
أروقةُ أعماقنا أغلقتِ لأجله المعابر
ليصبح مرور القطارات أمرًا نادرًا
لا مِن صوتٍ يصدر أثناء مرورها
واحتكاكات سككها لم يحرك بنا المشاعر

لكأنّ الطرقات من بعدهم أضحت دهاليز مغلقة
غطّت أعقاب السجائر الأرضية كلها

وهواء المكان خسِرَ نقاءه
ولون سمائه خسرَ زرقته
وتلطّخ من بعدهم برماديةٍ قاتلة

هو الفقدُ 
فمذ رحلوا
لم يتغيّر شيءٌ ها هنا
لم يتحرك شيء
لم يختلف ركن
آثار بصماتهم ما تزال مطبوعةٌ على كل قطعة
وأكوام الغبار التي احتلّت كل حيّز
نخشى نفضها فنزيل معها بقايا كلّ أثرٍ تركوه

ايهٍ أيها الفقدُ
أخذتهم بقضاء
لم تغِبْ لعدّة لحظاتٍ صورتهم من مخيلتنا
وصوتُنا بأنينٍ صارخٍ لم يسمعه إلّانا
خلا ملامحنا المرتسمةُ بآثارِ الشحوبِ يُعرِّفها المارةُ من حولنا
وبقايا شعرٍ على رؤسنا مضرّجٌ بسواد

أشبتنا أيها الفقدُ
وحرّكت من بينِ الضلوع هلع اللحاق
أنتَ المجهول أيُّها الفقد
المنسيُّ المحذور

الثلاثاء، 7 ديسمبر 2010

~|| فأصبحتُ سجينة تلك المدينة..

كتابة قديمةٌ نسبيًا.. ولكنها ترقى لذائقتي دومًا حتى حفظتُ حروفها لا أدري لماذا..


في جوف المتاهة.. ما بين النهاية المفتوحة تارةً.. والطريق المسدود.. تارةً أخرى..
نحاول الخروج بأيَّة وسيلة.. والتخلص من المأزق..
وبين الأزقة الخاوية.. في أكثر الأماكن هدوءاً.. حيث لا صوت.. ولا صدى..
لا نسمع ... سوى مجادلة الريح لزجاج النوافذ المحطم..
ولا نرى إلا ركام الغبار والغبار.. الذي ملأ زوايا المكان..

في مدينة الأشباح.. حيث يكمن الخوف والضياع..
تُحدِّق أمام أعيننا أشكالهم..
أينما توجهنا ... وجدناهم ...
كيفما التفتنا.. رأيناهم..

وتدور دوامة الذكريات.. تدور وتدور.. دونما توقف..
ومع القرص الذهبي المختبئ وراء الغيوم الكثيفة .. تنكشف الحقيقة..
لقد جار الزمان على هذا المكان..
ما عاد فيه غير الأوراق الجافة.. والذكريات الأليمة.. التي سطرتها جدرانه..
لكنَّ عبقَ الأحبَّة.. لا يزال موجودًا..
هدير صوتهم.. لا يزال يكشف الشك الذي في قلوبنا.. في أعماقنا..

ويدقُّ ناقوس الأحزان.. فيعلن حالة الطوارئ..
يتعالى الضجيج .. وتختلط الأصوات..
 نسمَعُ تارةً الصيحات.. من ثمًّ الهمسات..
وفجأة..
يتوقف الناقوس.. تسكن العاصفة .. تهدأ الريح ..
يختفي كل شئٍ كان.. ليعود الطائر المهاجر إلى عشِّه..
لا يبقى.. سوى غصَّة في الحلق.. ودمعةٍ لا تجف..
لكنَّ المصيبة.. أنها لا تستطيع النزول لتُهَدِّأ النفس.. تظلُّ في أعيننا حبيسة ..
تحرق الفؤاد.. جادةً النأي عن ترس الأحقاد..
ولكنها.. وبالرغم من كل شئ.. تبقى أسيرة.. أسيرة..
تظل سجينة تلك المدينة..
تظلُّ سجينة الأوهام.. الأوهام..
..~

الاثنين، 1 نوفمبر 2010

●. شتاءٌ، مسرحية، وحبرٌ متناثر .●




رنّ المنبه في وقته تمامًا..
لكني كنتُ قد استيقظتُ قبله بساعات..

كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
عدا الانقطاع الجزئي في الماء في بعض ردهات المنزل..
كان الأمر مزعجًا قليلًا.. لكن ما لبث أن عادت كل الأمور لمجراها..

كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
ساعةُ يدي في مكانها الدائم، وخُفي الورديُّ بجانب سريري..

لكني أعلمُ أنّ رسائلي لن تصل وجهتها أبدًا..
رغم ذلك.. قررتُ أن أمضي في كتابتها..

ليس من أجله، بل من أجلي..
على الأقل في الوقت الحالي..

من حقي أن أحزن، من حقي أن أبكي..
من حقي أن تمتلىء عينيّ بالدموع..

كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
عدا البرودة التي أيقظتني..
والصداعُ في رأسي..
والألمُ في ركبتي..
ورغبتي في النوم أكثر..!

كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
فالجميع لا ينفكُّ بإخباري بأنني قوية..

مع الأيام،اكتشفتُ بأنّي ممثلة بارعة..
ولكن، ما الضيرُ في ذلك؟
فالحياةُ بأكملها مسرحية، يؤدي فيها الجميع دوره بكل إتقانٍ
وبالتزامٍ تامٍ بالأسطر، ووقفًا لنصه بحذافيره..
لذا، لم أحزن أو أتأثر لأنني ممثلة بارعة..
فكلنا في النهاية.. ممثلون!

:

أحيانًا أشعرُ أنّ ما بداخلي خواء
فأبجثُ بجنونٍ عن بعض لحظاتي الثمينة..
وأعصرُ ذاكرتي بحثًا عن اللحظات التذكارية على خشبة مسرحي..
أو أبحث بأي مكانٍ قد أجدُ به شيئًا، أيّ شيء..
لا يُهم.. ما الشيء.. ما الفارق؟

لا شيء..~

بالتأكيد ليس هنالك فارق..
لأنني في اللحظة التي أكونُ فيه بطل روايتي ومحورها..
أكون فصلًا أو بضعة أسطرٍ في صفحة رواية أخرى..
قرر صاحبُها أن يطويني..
ولكن.. ولسبب ما..
أجدني أعجزُ عن طيّ صفحتي..
فأبقي في هذا الفصل من روايتي..
لستُ أستطيع المضيّ قدمًا..
ولا كتابة فصلٍ جديد..
فأكتب على ذات الصفحة..
أصرفُ الألوان عليها ببذخٍ حتى تختلط معًا..
فتصبح كلوحة عشوائية..
خطوط متخبّطة..
لا أقدرُ على قراءة شيء منها..
أحاول فكّ الحروف..
حتى يصيبَ عيناي الرمد..


ولكن..
من حقي أن أحزن.. من حقي أن أبكي..
من حقي أن آخذ عهدًا على نفسي ألا أخون أحد..
فلا بأس لأنني لم أخن إلا.. نفسي!

لقد عاد الشتاءُ بالأمس..
الشتاء الذي كنتُ به دائمًا وحيدة..
ويبدو أنّه أستأثر بي وحده، لأكون به دومًا وحيدة..

الوحدة..
أوليست شعورًا خاصًا بنا؟
ليس حولنا من يصنعه، ولكن..
نحنُ من نبني جُدرهُ من حولنا..
لذا حتى وإن استمرت الوحدة في تلك الغرفة الضيّقة بصفعنا ذات اليمين والشمال..
لا بأس..
لأنّها ستحافظُ على دفئ خدودنا..
دفئٌ غامر..

قد ندفأ في بعض لحظات حياتنا..
ولكن لا بُدَ للحظات البرودة أن تتسلل إلينا في النهاية..
برودة؟
تذكرت.. لقد قام أخي بفتح بنوافذ غرفتي لأجل أن يتجدد هوائها الراكد..
فقمتُ لإغلاقها بتلقائية..


كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
من حقي أن أحزن.. من حقي أن أبكي..
من حقي أن أكتب رسائلي التي لن تصل أحدًا..
من حقي أن أُجنّ.. ومن حقي أن أعيشَ جنوني..

كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
عدا أنني لم أكن نفسي..
عدا أنني كنتُ شخصًا ثانٍ..

..~

الجمعة، 24 سبتمبر 2010

تتداعى عليكم الأمم

بسم الله الرحمن الرحيم 

لم أظن يومًا وأنا في الابتدائية أتعلمُ في المدرسة عن سيرة المصطفى الحبيب.. صلى الله عليه وسلم.. ودينه الكامل.. وقرآنه الطاهر.. والصحابة الغر الميامين.. وأنا اقرأ عن بطولاتٍ وتحدياتٍ ودينٍ قد انتصر وظهر..
لم أظن وقتها أبدًا.. أنني سأعيشُ لأرى اليوم الذي تتكالب علينا به الأمم من كل حدبٍ وصوب.. حتى من أمم تسمّت بالإسلام.. حتى أصبحوا أناسًا لم يحملو من ديننا إلا الاسم في وثائقهم الرسمية.. اسمًا من بضع أحرفٍ فقط!.. 

لم يتخيّل عقلي الصغير بالرغم من مخيلته الهائلة وقتها أنني سأعيش لأرى أحدهم يتعهد بحرق وإهانة قرآننا الكريم أمام العالم أجمعْ، القرآن الكريم.. الذي لا تسمح لنا المعلمة بإمساكه إلا ونحن طاهرون.. القرآن الذي تبسمُ أمي كلما حفظتُ منه صفحةً جديدة.. ويكافؤني والدي على إتقان لفظه بصورة أفضل..نعم أمام العالم الذي أقسم على ضيمنا.. سواء أكان من بعيدٍ يتجهمنا.. أم من قريبٍ تسلّم أمرنا.. 
وبحرقةٍ نردد.. حسبُنا الله ونعم الوكيل! 

لم أردْ أن أعيش لأشهد العالم يتهمنا بجرمٍ ما اقترفناه.. 
إسلامُنا.. دين السلام.. واسمه تعالى السلام.. ورسوله من حمل رسالة السلام 
إسلامنا يُهاجم من كل حدبٍ وصوب.. وصرنا كقصعةٍ تتهجم علينا الأكلة وإن كانت من لحمنا!!

نعمْ.. هذا ما حدث حقًا أيا قلبي.. هذه ما تكذبه عيناي رغم رؤيتي له.. 
ومن دون تكلف بتصرفٍ حاولتُ إيصال صوتي إليهم.. فكنتُ كلما دخلت بينهم.. أجد المزيد من الكره والحقد والظلم ينهالُ عليّ لأجل ما أؤمنُ به!.. 

رباه.. 
لستُ أريدُ البكاء.. ولكن إن لم تجعل نصرة الإسلام بأيدينا.. فاستبدلنا بقومٍ لا يكونوا أمثالنا.. لا يرضوْن الضيم لدينا.. دون أن يحل غضبك علينا.. 

نعم يا قلبُ.. الدين الذي عرفته بكل صفاته الكاملة.. يُهاجَمُ بما ليس فيه، بما هو منه براء.. لتعيش أيا قلبُ في عالمٍ ثمل بالأكاذيب.. وأضحى الجميع غارقون في سكرته.. إلا من رحم ربي.. 

المشكلة تكمنُ أننا لا نصلُ إليهم.. ذلك الأحمق الذي حاول حرق القرآن.. اعترف أنّه لم يقرأه أبدًا! فكيف له أن يطلق حكمًا كهذا عليه، بل كيف يرغبُ بالتعدي على شيء لم يعرفه أصلًا؟! 
أولئك الذين يكرهوننا لايعلمون عنّا شيئًا.. 
ونحن في غفلتنا.. ســــــــاهون! 

انشغلنا في انحطاط فاجع في إعلامنا الفاشل.. فتجد قنواتنا الفاشلة تتسابق في عرض الرذيلة في شهر الفضيلة.. 
ما بين علاقات محرّمة زينوها لتظهر بريئة! 
وما بين دعاوي الشيطان الذي ترك من بعد تصفيده، شياطين!! 
وتجدنا ننسبُ للإسلام والمتدينين صفات الكفرة الفجرة.. ونجعل من السكيّر بطلًا!! بطلًا قد أُغدق عزًا وشرفًا!! 

تكالبنا حتى على أنفسنا!! .. فصار الدين والمتدين الخطأ الذي يجب قتله! .. وإن كان بسهامنا!! بخٍ بخٍ يا إعلامنا!!

وأشدُ ما يُضحك حدّ البكاء.. هو تجرؤ علماء يتسمّون بالإسلام على صحابة المصطفى.. والمبرأة من السماء..
لم يعلم وهو عالم قومه الجاهل.. أن الإساءة لن تصل الموتى.. وإنما سترتدُ عليه وبأنها.. عليه سلامنا ورضى الرحمن.. ستكسبُ أجرًا تأخذهُ منه وممن صدّقه.. وتكسب منّا دعواتٍ ورحمات.. 
"لا تحسبوه شرًا" .. 

ولم يعلمِ الحاقدون.. أن القرآن سيظلُّ محفوظًا في صدورنا.. وبأننا سنمسكُ به أكثر كلما حاولوا من غيظهم قتله.. 

ربـــاه.. 
ألهذه الدرجة يحملون هذا الكم من الكره والحقد في صدورهم؟ 
لا أدري متى ستنفجرُ أوداجهم.. لكني أشفق على قلوبهم التي حصرت كرهًا وغيظًا 
دون أن أفكر بمقارنتها بصدور قد امتلأت رضىً وطمأنينة.. وأمرنا فيه كل الخير.. إن كان شرًا صبرنا.. وإن كان خيرًا شكرنا..

لكم يفتقدون للطمأنينة..
طمأنينة إغماض الجفن ونحن على يقينٍ بأن ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا.. وما أصابنا لم يكن ليخطئنا.. 

ولكن.. 
أما آن وقت دحر الذل عنّا؟ 
ليس بأن نشتمهم بالمقابل.. وإنما.. 

بالحكمة والموعظة الحسنة..
وليكن لنا المصطفى.. الأسوة الحسنة.. 

وبكل طمأنينة سنظل نردد.. 
الحمدُ الله، بل أكثرهم لا يعلمون.. 

الاثنين، 5 يوليو 2010

صفحة من مذكرة الشتاء ..~



بالرغم من عدم التفاتي لشيءٍ وأنا أُجدف قاربي الصغير في بحر كتابٍ أجاد صاحبهُ الطلاسم جدًا 
مابين الـ "happens after" وفهم الـ "clock vectors"
اخترق سكون غرفتي إلا من ضجيج صوتي بترديد كل كلمةٍ في الكتاب لئلا يتشتت تفكيري، صوت طرقٍ داعب نافذتي بوداعة..
وفقتُ عند جملة دون أن أدركْ أنها المرّة العاشرة التي أُرددها وأنا مبعثرة التفكير بما يحدثُ خلفَ نافذتي

فمزقتُ رتابة عالمي الدراسي بوقفة على عُجالة مني.. وصفعتُ أستاري مسرعةً أفقأ من عينيّ غرفتي الظلمة الخفيفة ليخترقها شعاعٌ خافت..  

 فوجدتُ نافذتي الزجاجية وقد ارتسمت بلوحةٍ عشوائية، ريشتها رياحٌ سَيرّت قطرات عذبة أهدتها صفحةُ السماء،
خطوطًا عرجاءٌ ترتسمُ للأسفل لتأخذ معها ذراتِ غبارٍ تصادقت على صفيحتها الصلبة تُبدّل ملامح لونها قليلًا،
فارتسمت حين طرقت سطحها قطراتُ السماء برقّة وانحنت مسرعةً للأسفل تستجيبُ لصرخات جاذبيةٍ اشتاقتها ليغيض حبر الخطوط بين حنايا أرضٍ طيبةٍ إلى حيثُ قدرٍ معلوم..

تناسيتُ حينها أُحجيات الكاتب وبهدوءٍ صرتُ أنظرُ بجميع الاتجاهات، أحاول أن أحفظ صورةً للوحة نافذتي التي تتبدّلُ لحظيًا، لكأنّها تُخبرني أنّها نادرةُ الوجود، فمن الصعب أن أحفظ لها شكلًا أو رسمًا.. ولهذا السبب تحديدًا ستمكث بين حنايا روحي أبدًا..
لوحتي تلك، بابيضاضها المُكدّرِ من أثر صفيحة السماء الممدودة، تراكمت عليها أبخرةُ أنفاسيَ الشفافة لتحجب الرؤيةَ عني لحظات
خربشتُ على لوحتي من سطحها الداخليّ حروفًا أكثر انتظامًا من خطوط لوحتي السحرية
وتساءلتُ في نفسي، كيف حصلتُ على لوحةٍ أبطالها قطرات، وأنفاسٌ وسماءٌ بلا لون!

أيقظتني من لحظات شرودي صفحةٌ أكثر ابيضاضًا، صفحةٌ ملطّخةٌ بخطوطٍ سوداء ارتسمت بشكل هندسيٍ بديع، تجد بها ما أردتَ من الأشكال المتناظرة والمتعاكسة والمتماثلة أحيانًا..
طفقت أنظرُ اللوحتين بحيرةٍ ناجتني دونما حديثٍ أن أختار بينهما
وما بين تردد البصر هنا وهناك بإشفاق، آثرتُ العودة لتلك المنتظمة لأجل التزامٍ بمصيرٍ محتوم يتحددُ في الغد
وتقييمٌ يزداد كلما تذكرتُ عددًا أكبر من خطوطها المنتظمة

أغلقتُ أستاري بهدوء كأنّما أودعُّ لوحتي الفريدة للأبد
وعدتُ أثيرُ الغُرفةَ ضجيجًا أقرأ اللوحة الأخرى

..~

الجمعة، 2 يوليو 2010

لحظات وداعٍ حقيقية .. وابتسمــت!



وبسمَ المُحيّا ينظرُ للسماء
كان أبناؤها اليتامى وقد أصبحوا رجالًا من حولها لم يتركوها طيلة الأشهر الماضية
أهلها هنا.. أحباؤها

نظرت إليهنّ والورمُ قد زاد وزنها أضعافًا
تضاحكت.. تضاحكت.. أنا راحلة، الوداع يا أحبائي..
"مخاطركن يا حبايب"
مضت ساعات وهي على هذه الحال..
والشهادة لم ترحل عن لسانها
حتى فارقتها الحياة.. لحياةٍ أفضل

سكن الجسد.. ووقف اللسان.. وسبابتها بوضعية الشهادة تجاه السماء

:

كُلّما مررتُ من أمام منزلهم.. أجدُ ابنها المُقعد جالسًا أمام البيت
يتأمل المارين في الطريق
تغشاه السكينة.. تملؤه الابتسامة

لكأنها ذاتُ ابتسامة والدته في لحظات الوادع