الاثنين، 1 نوفمبر 2010

●. شتاءٌ، مسرحية، وحبرٌ متناثر .●




رنّ المنبه في وقته تمامًا..
لكني كنتُ قد استيقظتُ قبله بساعات..

كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
عدا الانقطاع الجزئي في الماء في بعض ردهات المنزل..
كان الأمر مزعجًا قليلًا.. لكن ما لبث أن عادت كل الأمور لمجراها..

كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
ساعةُ يدي في مكانها الدائم، وخُفي الورديُّ بجانب سريري..

لكني أعلمُ أنّ رسائلي لن تصل وجهتها أبدًا..
رغم ذلك.. قررتُ أن أمضي في كتابتها..

ليس من أجله، بل من أجلي..
على الأقل في الوقت الحالي..

من حقي أن أحزن، من حقي أن أبكي..
من حقي أن تمتلىء عينيّ بالدموع..

كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
عدا البرودة التي أيقظتني..
والصداعُ في رأسي..
والألمُ في ركبتي..
ورغبتي في النوم أكثر..!

كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
فالجميع لا ينفكُّ بإخباري بأنني قوية..

مع الأيام،اكتشفتُ بأنّي ممثلة بارعة..
ولكن، ما الضيرُ في ذلك؟
فالحياةُ بأكملها مسرحية، يؤدي فيها الجميع دوره بكل إتقانٍ
وبالتزامٍ تامٍ بالأسطر، ووقفًا لنصه بحذافيره..
لذا، لم أحزن أو أتأثر لأنني ممثلة بارعة..
فكلنا في النهاية.. ممثلون!

:

أحيانًا أشعرُ أنّ ما بداخلي خواء
فأبجثُ بجنونٍ عن بعض لحظاتي الثمينة..
وأعصرُ ذاكرتي بحثًا عن اللحظات التذكارية على خشبة مسرحي..
أو أبحث بأي مكانٍ قد أجدُ به شيئًا، أيّ شيء..
لا يُهم.. ما الشيء.. ما الفارق؟

لا شيء..~

بالتأكيد ليس هنالك فارق..
لأنني في اللحظة التي أكونُ فيه بطل روايتي ومحورها..
أكون فصلًا أو بضعة أسطرٍ في صفحة رواية أخرى..
قرر صاحبُها أن يطويني..
ولكن.. ولسبب ما..
أجدني أعجزُ عن طيّ صفحتي..
فأبقي في هذا الفصل من روايتي..
لستُ أستطيع المضيّ قدمًا..
ولا كتابة فصلٍ جديد..
فأكتب على ذات الصفحة..
أصرفُ الألوان عليها ببذخٍ حتى تختلط معًا..
فتصبح كلوحة عشوائية..
خطوط متخبّطة..
لا أقدرُ على قراءة شيء منها..
أحاول فكّ الحروف..
حتى يصيبَ عيناي الرمد..


ولكن..
من حقي أن أحزن.. من حقي أن أبكي..
من حقي أن آخذ عهدًا على نفسي ألا أخون أحد..
فلا بأس لأنني لم أخن إلا.. نفسي!

لقد عاد الشتاءُ بالأمس..
الشتاء الذي كنتُ به دائمًا وحيدة..
ويبدو أنّه أستأثر بي وحده، لأكون به دومًا وحيدة..

الوحدة..
أوليست شعورًا خاصًا بنا؟
ليس حولنا من يصنعه، ولكن..
نحنُ من نبني جُدرهُ من حولنا..
لذا حتى وإن استمرت الوحدة في تلك الغرفة الضيّقة بصفعنا ذات اليمين والشمال..
لا بأس..
لأنّها ستحافظُ على دفئ خدودنا..
دفئٌ غامر..

قد ندفأ في بعض لحظات حياتنا..
ولكن لا بُدَ للحظات البرودة أن تتسلل إلينا في النهاية..
برودة؟
تذكرت.. لقد قام أخي بفتح بنوافذ غرفتي لأجل أن يتجدد هوائها الراكد..
فقمتُ لإغلاقها بتلقائية..


كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
من حقي أن أحزن.. من حقي أن أبكي..
من حقي أن أكتب رسائلي التي لن تصل أحدًا..
من حقي أن أُجنّ.. ومن حقي أن أعيشَ جنوني..

كلُّ شيٍ كان طبيعيًا اليوم..
عدا أنني لم أكن نفسي..
عدا أنني كنتُ شخصًا ثانٍ..

..~