الجمعة، 15 يناير 2010

ألــمٌ .. أيُّ تراتــيل ؟!!

أيُّ تراتيل ..

أولئك الذين ينبشون من عميق مشاعرنا .. ما في النسيان طمرناه ..
أولئك الذين يبعثون من الموت فينا .. ما بأحشائنا دفنّـاه ..

لأجل الدفن ..
مررنا بالكثير .. استغرقنا الكثير .. تجرعنا مرارة الكثير ..

لأنّهُ كان ...

وأدُ ما أحببناهُ بدموع من دمٍ تنهار ..

وتمتمات ألمٍ أيُّ تراتيل ..


أقنعنا أنفسنا بانتهاء بنائنا ..
وشيَّدنا صروحًا حسبناها قويّة ..
واصطنعنا ابتسامةً صفراء ..
يُسرُّ لرؤيتها من حولنا .. وتكفيهم ..
تجاهلوا .. تناسوا .. وغضوا الطرف عن داخلنا ..
خواء ..

أكملنا المسير ..
على عتبات طُرقٍ غريبة ..
ذاتُ تعرجاتٍ حمقاء ..
تجعلنا ننتهِ من حيثُ انطلقنا ..

وهناك ..
مجرد مصادفتهم أُخرى ..
مجرد المرور بقربهم ..

مجرد رؤيتهم ..
تارةً .. أُخرى .. 


مجرد ..
مجرد ...

انهارت جبالُ النسيان التي كدّسناها ..
تهاوت صروحُنا المزيّفة ..

بزغَت مشاعرنا بأكملها ..
من جديد ..
لكأنها لم تختفِ يومًا ..
لكأنها ..
طفلٌ وليد ...


بهذه البساطة ..
أهكذا ..

عاد كلُّ شيءٍ .. كأنه لم يرحل يومًا ..
كلُّ اختلاجٍ حملها داخلنا عاد ..
وتراكض الأحداث ..
صراخٌ ودموع ..
عاد ..

لكنَّ جميل الماضي .. لم يعُدْ ..

وضحكات الماضي .. لم تنظُر إلينا ..
تجاهلتنا ببرود .. وغابت عنا رَحلتْ ..

لم نحملْ على أطلال ما تكشّف من حصوننا ..
إلا الألم ..

ولم نرفع فوق قممها المتهاوية ..
إلا راياتُ الأحزان ...


وتمتماتٌ ألمٍ نُرددُها ..

أيُّ تراتيل .. 

هناك 3 تعليقات:

  1. أي تراتيل نتلوها على أرواحهم كيما نتألم ...
    أي الأيام تَطوي عنهم صفحة فلا يُرجعها الزمان ذاتَ الصفحة ...
    أي أناس هم الذين تعلقنا بهم فأصبحنا من دونهم بلا ألوان تُرى ...

    هي الأرواح تُعَلَّقُ في متاهات شائكة ... هي القلوب تحبُّ بلا أسباب تدركها العقول ...

    و لكن ...

    لم لا تُقلبُ التراتيل ترانيم أفراح و أهازيج سعادة ...
    لم لا تبنى من جديد قصور محبة و جسور تواصل أخرى ...
    لم لا ترسم ابتسامات أعرض من التي كانت قبلا ...
    لم وأدها و هي تحثو التراب من على قلوبنا ...

    أوليس الهدم أسهل من البناء ...؟
    أوليس القطع أسهل من الوصل ...؟
    أوليس الدفن أسهل من الإحياء ...؟

    لربما كانوا يستحقون فرصة أخرى ...
    و لربما كان الأمر يتطلب شجاعة ... أو لعل القلب لم يتخل عنهم بعد ...

    فلنحاول أن ننسج من تراتيل الدفن ترانيم حياة ...

    و يكفينا أملا أنها كانت صروحا زائفة ...

    أو إن لم يرق لنا كل هذا فلنحمل بعضا من تراب الأطلال و لنمضي إلى مدينة أخرى فليس في الحب أسوار ...

    عابرة سبيل ...

    لمسة من حزن ... و رشفة من كأس الألم ... و بعض من بقية أمل ... تكاد أن تغرغر روحها ... و يقال أثر الكي لا يزول .. و لو تعاقبت الأزمان ...

    قلم رائع و مخطوطة جميلة و كلمات عذبة ... و كاتبة فذة ... بارك الله فيك و زادك علما و أدبا و حلما ...

    عذرا على التأخر في كثير من مواضع الرد ... فما لشيء غير الانشغال ...


    تجعلنا ننتهِ = تجعلنا ننتهي [ إنما لست متأكدا ]

    ردحذف
  2. لي عودة للرد بإذن الله يا ابن الفاتح ..

    ردحذف
  3. ابن الفاتح..
    لكم قرأتُ ما سطّرت هنا مرارًا..
    في كل مرةٍ.. أُغلق الصفحة.. عاجزةً عن الرد.. والأتيان بما يُسواي ما كتبت..

    ما شاء الله.. فقد فاقت حروفك كلماتٍ نثرتها..

    ألست تعلمُ لم كانت ترانيمًا؟؟
    لأن قلبًا دفنهم وهو يقينًا يودُّ الاحتفاظ بهم.. لكن الدفن كان حكمًا قاسرًا لا خيار له به!
    ولأنه حين أقنع نفسه أنه انتهى.. لم يكن له من خيارٍ سوى ألم أيّما تراتيل..

    ولأن صروحه امتلأت شروخًا..
    كان موقف واحد.. قادر على هدم كل شيء..
    والهدمُ لا يصاحبه إلا التراتيل..

    ابن الفاتح..
    أقف احترامًا لكلماتٍ وحروف سطرتها ها هنا.. فلا تحرمنا لذة قلمك..

    كن دائمًا بخير.. وعلى الخير..

    ردحذف